الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الشهيد عبد الصمد الصمايري: حكاية نضال وعشق للوطن

نشر في  29 أفريل 2015  (10:57)

أسفرت المواجهات الأخيرة التي شهدها جبل السلوم من منطقة القصرين بين وحدات جيشنا وأمننا الوطنيين البواسل ومجموعة جبانة من العناصر الإرهابية المتحصنة بالمكان، عن استشهاد 3 جنود بواسل ومقتل 11 إرهابيا..
وفي كل مرة يكتب لنا شهداؤنا البواسل بدمائهم الزكية روايات نضال وعشق للوطن ومن بين هذه الروايات كتبت ملحمة الشهيد البطل عبد الصمد الصمايري الذي يبلغ من العمر 21 ربيعا فقط (13 جويلية 1993)، الذي استشهد خلال اشتباكات جبل السلوم تحديدا مساء الخميس 23 أفريل 2015. حيث تمكن الشهيد يومها من قتل 3 إرهابيين لكنه وأثناء محاولته إنقاذ زميله الجندي الجريح وإبعاده عن الخطر استهدفته رصاصة غادرة من يد جبانة خائنة أردته شهيدا على عين المكان..

ورغم أن الشهيد عبد الصمد الصمايري غادر جسده وانتقل إلى عالم الفردوس إلا أن روحه مازالت ترفرف بيننا وفي جبال السلوم لتزيد من عزيمة زملائه البواسل في معركتهم لدحر الإرهابيين. فعاش الصمايري «بطلا ومات بطلا» كما قال قريبه المولدي الصمايري.

نبذة عن الشهيد

الشهيد عبد الصمد الصمايري وفق رواية قريبه «مولدي صمايري» في اتصال مع أخبار الجمهورية، أصيل منطقة الصمايرية من معتمدية السند من ولاية قفصة وعرف بدماثة أخلاقه وطيبته اللامتناهية بشهادة الجميع، وقد كان الابن البكر لأسرة تتكون من 7 أفراد ( 3 شقيقات وشقيق ) كان بارا بوالديه والكفيل لهم خاصة أن والده السيد حسين صمايري يعاني من إعاقة عضوية على مستوى ساقه ويده كما أنه أجرى العديد من العمليات على رأسه بسبب اصابته بجلطات.

محطات من حياة البطل الصغير

تحدّث المولدي صمايري بتأثر كبير -لم يستطع إخفاءه- عن تفاصيل الذكريات الأخيرة في حياة الشهيد عبد الصمد مؤكدا أن آخر اتصال له مع عائلته كان قبل عودته بيوم من الإجازة التي قضاها في منزل والديه دامت 8 أيام. حيث ذهب لشراء ملابس الباك سبور لشقيقته الصغرى التي أجرت امتحانها يوم الاثنين 27 أفريل بالمعهد الثانوي بالسند بعد استشهاد أخيها الذي لم تسعفه الحياة ليكون شاهدا على نجاحها.
هذا وقد أشار محدثنا إلى أن تلامذة المعهد المذكور أحضروا دخلة الباك سبور التي كانت في شكل إهداء لروح البطل الذي ملأت صوره ساحة المعهد تقديرا لنضاله وشجاعته وتعبيرا عن الفخر بالعمل الذي أقدم عليه.
من ناحية أخرى صرح لنا المولدي الصمايري بأنّ قريبه الشهيد عبد الصمد تمتع بأول جراية له عن عمله كجندي خلال شهر مارس الفارط لتكون أول وآخر جراية نالها في حياته.

حديث مع عائلة الشهيد

عائلة الشهيد التي كانت علامات التأثر والفخر بادية على جميع أفرادها، أكدت لأخبار الجمهورية أن «صغيرهم» البطل عبد الصمد اختطفته أيادي الإرهاب الغاشمة في عمر الزهور وهو العائل الوحيد لأسرة لا سند لها سواه فهو الذي كان ينفق على جميع أفراد العائلة وكان مثالا لرفعة الأخلاق.
السيد حسين الصمايري والد الشهيد أكد أن ابنه تمتع بإجازة لمدة 8 أيام بعد خدمته العسكرية بجبل الشعانبي من ولاية القصرين، مشيرا إلى أن آخر اتصال هاتفي كان معه هو يوم الاثنين 20 أفريل حيث أعلمه أنه يوجد بمنطقة سبيطلة.
وأضاف والد الشهيد بأنه عاود الاتصال بابنه ليلة الواقعة الخميس 23 أفريل وتحديدا على الساعة الثامنة ليلا لكنهم لم يتمكنوا من مهاتفته نظرا لتفاجئهم بإغلاق هاتفه، إلى أن وصلهم خبر استشهاده يوم الجمعة 24 أفريل وتحديدا على الساعة السابعة صباحا.
واستطرد السيد حسين الصمايري، ليتحدث في تصريحه عن علاقته الوطيدة مع ابنه فقال:» لقد كان الابن والأخ في نفس الوقت وقد عاش بطلا.. واستشهد بطل..ا قتل 3 إرهابيين وأنقذ صديقه من موت محقّق، دافع عن بلادو وترابها التي إن سلمت سلم شعبها..»
أمّا والدته السيدة فاطمة الصمايري التي ورغم جروحها وآلامها جرّاء فقدانها لفلذة كبدها إلا أنها تحدثت معنا بكثير من الفخر لشهادة ابنها وأكدت أنه كان بارا بوالديه ودائم المزاح معهما.
وقالت « ولدي راجل ومات راجل وشهيد، الله يرحمو وينعمو والديه راضين عليه، ولدي غدروه وهو مازال ما كبرش وماشاف مالدنيا شيء وهو الوحيد الذي يخدم علينا..»
شقيقة الشهيد الصغرى أمل الصمايري (باكالوريا تقنية) وبكثير من الحرقة والدموع أكدت بأن آخر لقاء معها مع البطل عبد الصمد كان خلال مدة الإجازة التي قضاها معهم حيث اصطحبها معه لشراء ملابس رياضية تجتاز بها امتحان الباك سبور، مشيرة إلى أنه أخبرها بأنه سوف يطلب إجازة بيوم واحد قصد الحضور معها يوم اجتيازها للباك سبور لكن يد الخائنين اقتنصته ومنعته من الحضور معها.
وواصلت أمل حديثها والعبرات تخنقها: «لقد وعدني بأنه سيحضر لي هدية لم يفصح عن ماهيتها يوم الإعلان عن النتيجة النهائية لامتحان الباكالوريا، شقيقي كان الأخ والصديق والأب وكان هو من يتكفل بدروسي الخصوصية التي كنت أتلقاها بمقدار 60 دينارا في الشهر..
أمل وفي نهاية حديثها معنا، أشارت إلى الوضعية الاجتماعية الصعبة التي تعيشها العائلة التي لا تمتلك أي مورد رزق سوى بقرتين تدران الحليب الذي تضطر عائلتها لبيع اللتر منه بـ600 مي حتى يتمكنوا من توفير لقمة العيش.
وفي نهاية هذه الملحمة الجديدة التي وثّقها شهداؤنا الأبرار ومن بينهم البطل «الصغير الكبير» عبد الصمد الصمايري لا يسعنا من ناحيتنا إلا لفت النظر الى الحالة الاجتماعية الصعبة التي تعاني منها أسرة الشهيد الصمايري خاصة بعد فقدانهم لابنهم البكر وعائلهم الوحيد لنجدد التذكير بأن والده يعاني من إعاقة عضوية في اليد والساق.
كما نرفع نداء عاجلا إلى السلطات المعنية للتدخل السريع قصد مساعدة هذه العائلة التي قدمت شهيدا بذل دماءه وحياته فداء للوطن وذودا عنه..

منارة تليجاني